30.1.13

pray

لا نهضة بلا قيم ولا قيم بلا دين، ورغم انه من الممكن انجاز نهضة اقتصادية بدون دين الا ان هذا لا يسمى نهضة بل يسمى نمواً اقتصادياً، وهذا النمو لن يدوم لانه ليس مبنياً على قيمٍ صحيحة تؤمن بان الله فوق عباده رقيب عليهم، ولا شك اذاً ان الفساد سيعم وان الطبقية ستحل محل المساواة وان العدالة ستنفذ ولكن على حسب حسابك المصرفي وحجم بيتك او بالاحرى قصرك. وهذا هو الحال في كل دول العالم، غنيها وفقيرها، مسلمها وكافرها، فالجشع لا يعرف لوناً او ديناً.

لذا نحتاج الى وسيلةٍ تطهيريةٍ لتغير هذا الحال، ولكن الناس اصبحوا اكثر جموداً من ذي قبل، فهم يرفضون فكرة الاصلاح من الداخل، اي اصلاح الشخص لنفسه قبل غيره. ولان هناك ثغرة كبيرة بين النخب المستنيرة والشارع، ولا يهم ان كانت هذه النخبة متدينة ام لا، المهم انها فقدت القدرة على التواصل مع المواطن العادي، وذلك لان النخبة تريد تغيير المجتمع من اعلى الهرم، بالثورات والاعتصامات والانقلابات، وهذا لا يزيد الطين الا بلاة، اذ ان الثورة ما هي الا كمن يبحر في بحر عاصف بلا اشرعة ولا سارية فلا تدري اين سترمي به الريح.

الانسان روح وجسد، ومنذ ان سافر العرب الى اوروبا قبيل الحرب العالمية وهم فقدوا قدرتهم على تغيير انفسهم لانهم عادوا الى ديارهم غير مهتميين بالجانب الروحي من شخصيتهم. واقتنعوا بانهم حقاً اغبياء متخلفون، لا خير فيهم ولا في دينهم. وهذا الاحباط الشخصي، وسلب الانسان نفسه من كل ما يملك من عزة وكرامة تجعله مفعولاً به في جملة امرية او نهيية تصلة من عواصم العالم الغربي، فيسجد ويطيع.

هذه الفجوة الفكرية، بل هذا الانتحار الفكري هو السبب في تخلفنا عن العالم الخارجي. انظر الى اليابان مثلاً، كانوا في عزلة عن العالم الخارجي لقرون عدة، فحين لم يقدروا على مقاومة العولمة، ارسلوا خيرة شبابهم المحب لارضه وتقاليد اسلافه الى الغرب، لكي يتعلم علومهم، فعادوا واصبحوا معلمين وبنوا نهضة ستظل للابد درساً للبشرية. ومع هذا تجدهم متمسكين من صغيرهم الى كبيرهم بتعاليم ثقافتهم ومعتقدات اديانهم.

ما اريد طرحه هنا هو ان القيم هي اساس الحضارات، فلن تكون لنا قائمة ونحن نريد سلخ جلودنا وارتداء جلود جاهزة صنعت لغيرنا، اذاً الثورة المطلوبة هي ثورة اخلاقية للتمسك بمعتقداتنا، انها تلك النظرية التي تقول انك اذا تمكنت من تغيير سلوك فرد واحد يمكنك ان تغير سلوك اهله ومجتمعه ثم دولته، وهذه النظرية تقوم على الاهتمام الاخلاق كهدف اساسي لتغيير الامم. علينا كامة مسلمة ان نستخدم هذه النظرية للوصول الى نهضة أخلاقية تكون اساساً لنهضتنا الاقتصادية.

على الفرد ان يجد في روحه ما يحفزه لتغيير نفسه وسلوكه، ولا يمكنني ان اقترح وسيلة افضل لتغيير الذات والمجتمع من "الصلاة". ولا اعني بها الحركات السريعة الفاقدة لكل معاني الصلاة، بل اعني صلاة تغسل الروح من كل قيم الشر فيها. صلاةً بكل شروطها واركانها وسننها ونوافلها. صلاةً تتحد فيها الصفوف فلا تتفرق ولا تنعوج ولا تتسع لإبليس وتلبيساته، صلاةً تصلح ما افسدناه بذنوبنا تجاه ربنا واتجاه انفسنا ومجتمعنا.

ورغم كثرة المصلين في المساجد الا ان مجتمعاتنا تقبع في برك من الفساد الاخلاقي، فتجد الرجل لا تفوته صلاة في جماعة ثم يلعن هذا، ويغش هذا، ويغتاب ذاك، ويسرق من تلك ويشهد زوراً على هؤلاء! فلا تجد اثراً لهذه الصلاة، والمسكين "كالحمار يحمل اسفاراً"، وما ذاك الا لانه لم يصلي بل مارس عادة من عاداته الاجتماعية واطلق عليها اسم "الصلاة".

علينا معشر المصلين -والكلام لنفسي قبل غيري- ان نصلي صلاةً تستحق ان ترتفع الى الله عز وجل باحسن حال، فلا نصلي كمن يدفع ضريبة لحاكم ظالم، بل كمن يتقرب الى حيبه رب العرش الكريم، لنكُن كهابيل، لنقدم افضل ما نملك من صلاة لله عز وجل، ولا نكون كقابيل بحيث ننافق انفسنا ونقدم اقبح القربات ثم نتذمر عندما لا يتغير حالنا، فالله طيبٌ لا يقبل الا طيباً.

وعليه تكون النهضة نتاجاً لمجتمع صالح يعبد ربه كانه يراه، فان لم يكن يراه فإنه يؤمن بان الله يراه في ليله ونهاره وسره وجهره، فيخاف الله في نفسه فلا يهلكها بالمعاصي، ويخافه في ماله فلا يصرفه الا في الحلال، ويخافه في اهله فيرعى حقوق زوجته ويربي ابنائه على الخير، ويخاف الله في ارضه فيعمرها ويحرثها شاكراً الله عليها. لهذا قال الله تعالى:

﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ﴾ [سورة النساء الآية:147]

وقال ايضاً:

﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [سورة إبراهيم الآية:7]

اليست الصلاة ارقى وأعظم وسيلة للشكر؟ اذاً هل تستغرب اذا قلت لك "نهضتنا في مواضع سجداتنا"؟

اخوكم
م. محمد موسى

29.1.13



20130130-014712.jpg

أتذكر عندما كنا صغاراً، نجري وراء القطط، نستجمع قوانا كل صباح لمواجة استاذ المسجد؟

أتذكر عندما طاردك ذاك القرد في حمر ججب؟ أ كان يريدك انت ام تلك الموزة في يدك؟

أتذكر عندما كنا نلقي بفطورنا المتكون من الخبز الصومالي (اللحوح) واللحم المقدد؟ كنا نكره ذاك المقدد!

أتذكر عندما ضربني ذاك السمين بعد عودتنا من المدرسة؟ لماذا اوقفتني بعد ان تمكنت منه بعد نوبة غضب عارمة وكدت اهشم راسه بحجر اكبر مني؟

أتذكر البحر؟ الصدف؟ الرمال؟ اتذكر برودة الرمل على اقدامنا؟ لقد نسينا السباحة بعد ان هاجرنا الموطن!

أتذكر زينب؟ تلك الخالة الطيبة؟ كانت تحبنا اكثر من ابنائها؟ اتذكرها تخبئ لنا الحلوة الصومالية بالمكسرات؟ اتذك رائحة حلواها؟

أتذكر عندما كُسرت قدمي وانا اطارد قطط العمة عالية؟ اتذكر ما قالته امي؟ انه "النبسي" يا بني، واظنها كذالك، فالكارما مازالت تلحقني حتى الآن.

كنا مشاغبين حقاً، اتذكر استاذ القرآن الشيخ... ماذا كان اسمه، لا اظنه اخبرنا او ربما نسيناه، اتذكر عصاه؟ صوتها كان اشبة بعاصفة آسيوية تستبق السونامي!

أتذكر بئر العمة؟ لماذا قررت السباحة فيه؟ ظننتك قررت ان ترحل وتتركني وحيداً! انت احياناً اكثر جنوناً مني!

أتذكر قصة العقرب الذي تسلل الى جيبك؟ حتى اليوم لا اعرف كيف لم يقرصك وانت تخرجه بكل تهور من جيبك..!

أتذكر عندما أقنعَنا عمي عكاشة في مباراة الارجنتين ان مردونا مات بعد اصابته ولكنه عاد للحياة ليفوز فريقه! لماذا يكذب الكبار دائماً؟ ولماذا نتذكر تلك القصة؟

أتذكر يا صديقي ام ان القبر انساك مقديشو وقصصها الجميلة...


20130129-231448.jpg

على مدى عقدين من الزمن والعالم يستقبل اخباراً سيئة من الصومال، فمن فوضى، الى عنف مسلح وحرب اهلية ومجاعات، ثم من اجتياح اثيوبي الى قرصنة وحركات متشددة، ولكن صومال اليوم يختلف تماماً عن صومال الامس، فمنذ زيارة الطيب الكريم اردوغان والصومال تعود ببطىء الى مركز اهتمام العالم، ليس شفقةً بهم بل رغبة في الاستثمار فيها قبل ان تستعيد الدولة قوتها الكاملة فتسيطر على جميع ارجاء الوطن ويغلق باب الامتيازات امام الغرب.

ورغم فقر الصومال الا انها تمتلك موارد كثيرة لا تنضب، اهمها مركزها الاستراتيجي كبوابة افريقيا الشرقية، واطلالتها على اهم مراكز الملاحة البحرية. تتميز الصومال ايضاً بمساحة ارضها التي تتجاوز ال ٦٣٧ الف كم مربع، وبسواحلها الخلابة الممتدة على طول ٣٠٢٩ كم وهي اطول السواحل في افريقيا وانقاها، علاوة على مياها الاقليمية الممتدة ٢٠٠ ميل بحري نحو المحيط الهندي، اضف الى ذلك نهريها جوبا وشبيلي واراضها الخصبة الصالحة للزراعة التي تتعدى ال ٢٪ من مساحة الدولة. ليس هذا فحسب بل انه تحت هذه الثروة التي لا تنضب ثروة بملايين بل بمليارات البراميل النفطية التي لم تمس بعد.

وفوق هذا كله يمتلك الصومال ثروة عظيمة لا يعرفها حتى الصوماليون انفسهم، الا وهي الثروة البشرية، اذ انه وبحسب تقرير الامم المتحدة للتنمية البشرية (٢٠١٢) يمتلك الصومال نسبة عالية من الشباب يمكنه اعادة بناء الدولة في سنوات قليلة، اذ ان ٧٣٪ من الشعب هو دون سن الثلاثين، من ما يجعل الصومال احد اصغر دول العالم سناً، الامر الذي سيقود الصومال الى نهضة صناعية وزراعية وتقنية اذا تم اعطاء فرصة لهذا الجيل الجديد الذي يسعى الى مستقبل افضل لنفسه ولارضه.

ما يريده الشاب الصومالي هو فرصة لحياة افضل في جو من السلام والامان، بعيداً عن صوت الرصاص والمدافع، ورغم ما تشهده الصومال من تغيرات، يظل هذا الشاب الصومالي اكثر تفائلاً من غيره من شباب المنطقة، فهو يدرك تماماً ان الحل ياتي بالعلم والعمل الدئوب لبناء وطنه فيقبِل على التعليم وينتظر فرصته بفارغ الصبر ليشرق شمساً لارضه.

ولكن اذا لم يتم الاستفادة من هذه القوة والاندفاع الشبابي لبناء الوطن فانها ستضيع وتنجرف الى العنف المسلح كوسية لكسب القوت اليومي، لذا على الدولة ان تجعل الشباب اهم مصادر قوتها الاساسي، فتستجذبهم من كل مناطق الصومال وتحفز المغتربين منهم في دول العالم وخاصة الغرب ان يعودوا الى وطنهم بشرط توفير العمل اللآئق بشهاداتهم وخبراتهم، وتعليم من فاته التعليم او انشغل عنه.

الصوماليون بطبيعتهم يحبون التجارة، فأينما ذهبوا ربحوا منها واسسوا الشركات وارسلوا اموالاً لذويهم اينما كانوا عبر الحوالات، وهؤلاء التجار يتمركزون غالباً في دول الخليج، وفي اثيوبيا وكينيا وجنوب افريقيا، وفي هلندا والنروج وبريطانيا والولايات المتحدة. لذا على الدولة ان تعيد هؤلاء التجار الى ارض الوطن لتعينهم وتحفزهم على الاستفادة من القدرات الشابة، لبناء مجالات عديدة، خاصة المجال الصناعي بالذات لسهولتة تعلمه ولتناسبه مع نمط حياة المدن التي يفضل الشباب العيش فيها والتي تكون قريبة من الموانئ.

اذا كانت الامم تقاس بشبابها فالصومال بخير، لان الجيل الجديد طلّق الحرب بلا رجعة واحرق البنادق واخذ الاقلام والمعاول، هذا الجيل يعي تماماً ما علية من مسؤليات، ورغم اختلافه في كيفية تحقيق هذه النهضة الموعودة الا انه يدرك تماماً ان الحرب ليست الجواب المطلوب، ورغم تشتت هذا الجيل في بقاع الارض الا انه يؤمن بان ارضه تستحق ان تُحفر ويزرع فيها الامل من جديد.

ان هذا الجيل الجديد يؤمن ان الطريق للنجاة هو في التمسك بدينه الوسطي، وان العدالة هي اساس الحكم، وانه لا مجال للتقدم اذا لم تُحفظ حقوق الناس وخاصة النساء والاقليات منهم، ان هذا الجيل جيلُ علمٍ ومعرفة، فالطعام والمساعدات تنفذ بسرعة ولكن العلم يقود الى التحرر من سلطة المعين وشفقته صديقاً كان او عدواً، وبالعلم لا بغيره تقوم النهضة .

محمد موسى
مهندس ومدون صومالي

22.1.13

20130122-114359.jpg

اجرت مجموعة الصوماليون العرب على الفيس بوك والتي تضم اكثر من 5400 عضواً استطلاعاً للرأي في اجابة عن سؤال: ماهي اهم مشاكلنا كصوماليين؟، وكانت الاجابات كالتالي:

61% - الجهل
16% - غياب الضمير وضعف الاخلاق واندثار الرازع الديني
13% - الغباء
10% - القبلية
6% - القات

Poll Question1

وبهذا يكون الجهل هو سبب كل المشاكل التي مرت وتمر بها بلادنا وهو سبب كل الصراعات التي مررنا بها، فلولا الجهل بقيمة الوطن لما هدرناه كرماد لا قيمة له. فهو كالخمر، من يصيبها يصيب غيرها من الكبائر، وبفضله انتشرت فينا القبلية والقات والقرصنة والتشدد واستغلال الدين لتبرير الجرائم وضاع الضمير واندثر الوازع الديني في القلوب.

الجهل عدو الصومال الاول، فاذا تم القضاء عليه تنتهي كل مشاكلنا بدون حاجة لحلها واحدة تلو الاخرى، فلا فائدة من معالجة الاعراض ولا داعي للعراك مع الثبان، اقطع رأسها واسترح منها. جهلنا مركب من طبقات عديدة فلولا جهلنا بديننا لما كنا فيما نحن فيه من فرقه وتنازع، ولولا جهلنا بقيم التعايش السلمي لما استبحنا دمائنا واموالنا وهي علينا حرام، ولولا الجهل لما كنا مثالاً للشعب الضائع المسكين الذي يحتاج للاغاثة في كل عام مرة او مرتين. ولا عجب في انتشاره كانتشار النار في الحطب في مجتمعاتنا لانه بضاعة سهلة الحمل رخيصة الثمن، وكما قال فرانك كلارك "السبب في انتشار الجهل أن من يملكونه متحمسون جدا لنشره." فيال سعادة الجهَلة بجهلهم!

ان الجهل هم ما يدفعنا نحو الحضيض الذي نحن فيه، فلولاه لما احتجنا للتدخلات الخارجية في وطننا، ولولاه بالتحديد لما صرنا ولاية اخرى من ولايات اثيوبيا وكينيا. ورغم هذه التبعية، ما زلنا في صراعات لا تنتهي وما ذلك الا لاننا أُصبنا بمرضٍ خطير يقتات بعقول الامم، انه الجهل، الذي اما ان يصور لك الاشياء على غير حالها او ان يغيب عنك حقائق مهمة تفيدك في اتخاذ قرارات ومواقف صائبة. والجهل لا يخدم امة ابداً بل يدمرها ويجعلها كقردٍ يصارع نفسه امام المرآة لجهله بحاله، وهو ايضاً سلاح يستخدمه اعداء الامة ضدنا، فالشعب الجاهل جاهز ليكون تحت اقدام سادته العلماء.

قال معروف الرصافي:



إذا ما الجهلَ خيّمَ في بلادٍ … رأيتَ أسودها مُسختْ قرودا




وقال عامر محمّد بحيري:



إنّ الجهالةَ ظلمةٌ تغشى الحِمَى … وتُحِيلُ أحرارَ الرِّجالِ عبيدا

العلمُ نُورُ الله في أكوانهِ … جَعَلَ المُعَلِّمَ بحرَهُ المورُودا




ما نشهده اليوم من تقدم حضاري ونهضة بشرية في شعوب العالم ماهو الا لانهم اعطوا العقل مكانه وادركوا ان العلم هو سبيل الخلاص من عبودية التخلف والفقر والصراعات الدامية. فرغم طبيعة الانسان البدائية الا ان عقله يتسع لمعلومات هائلة تمكنه من الرقي بنفسه، ولكن شعوبنا الاسلامية قررت ان القراءة مضيعة لاوقت، وان البحث العلمي مضيعة للمال وان التجربة مضيعة لكليهما فضعنا وضاع العالم الاسلامي معهم.

على الشعب الصومالي ان يدرك هذه الحقائق وان يكف عن يلخص مشاكله بالقبيلة، فالقبيلة لم تامرك بالجهل والرجعية ومطاردة الحيوانات بالرماح، كانسان حجري في اعالي جبال كونغو، ولكنها خُلقت كهبة من الله لنتعارف ويقدر بعضنا بعضاً، لنتعارف اي يتعلم بعضنا قيمة الآخر وقدره، لا لنستحل دمائنا بعد التعارف والالفة، وعلى الشاب الصومالي ان يحرر عقله من قيود القبيلة الجاهلية الى نور الاسلام السمح، فيبني نفسه بالعلم والمثابرة والعمل المخلص لربه ولارضه وشعبه.

لذا على الفرد ان يتعلم دينه اولاً لكي لا يتلاعب به احد يريد ان يقوده الى جهنم، ثم يتعلم ما ينفعه في حياته اليومية ثم بعد ذلك يتعلم ما شاء الله له، وعلينا ان لا ننسى ان العلم عبادة عظيمة وقربة مباركة ان شاء الله اذا اخلص العبد النية ولم يطلب العلم ليفاخر به الناس ويقال له عالم، دكتور، مهندس، فالالقاب تندحر ويبقى ما عند الله عز وجل. وكما قال صلى الله عليه وسلم في ما:


روى الإمام الترمذي في جامعه برقم ( 2654 ) فقال : حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ حَدَّثَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَإِسْحَقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ تُكُلِّمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ .



اخوكم
م.محمد موسى

19.1.13

Southto

يعيش الانسان تقلبات عديدة يستغرب منها حتى اقرب الناس اليه، وما هي هذه التقلبات الا بحث عن الذات، فيصبح سعيداً ويمسي غاضباً، يسخط على الوجود ثم يمدحه بعد قليل، يتذبذب بين هؤلاء وهؤلاء، ليس حباً فيهم بل بحثاً عن نفسه. وبتتابع امواج الاحداث يبدأ هذا الكائن الناطق بفهم نفسه، فتستقر افكاره على شيء محدد، ولو لفترة قصيرة من الزمن قبل ان تعود عواصفه لتتلاعب بمركبه، وليس هذا الا لان الانسان من يوم ولادته الى يوم وفاته يكون كالبحار، يبحث عن مستقر لافكاره.

ليس ثمة طريقة محددة لفهم الذات ولا يمكن وصفها لك في سطر او في كتاب بالف صفحة، انه طريق خاص بك انت وحدك، عليك ان تجده وتبحث عنه، ولا يمكن لاحد ان يدلك عليه. انه ليس كالاسم، يهدى اليك فتتعايش معه وترضى به وما ذاك الرضى الا لانك تظن انك ذاك الاسم بحروفه المتعددة، ولكن لا يمكن لثلاث او اربع حروف ان تصف ذاتك. الطريق الى فهم الذات صعب وطويل، مليئ بالاختيارات والابواب المغلقة، وبكل انواع الاستقطاب والاسربة المكذوبة، ولكن البداية واحدة لكل باحث عن نفسه، وهي ان الله هدانا النجدين، ام الخير واما الشر.

ولكن المشاكل تبدأ فور فهمك لهذين الاختيارين، فما هو الخير وما الطريق اليه، وما هو الشر وما الوسيلة للابتعاد عنه؟ من يحدد الخير ويصفه؟ ومن يمنع الشر ويجليه لك؟ وهنا لا يمكن فهم الخير والشر بدون فهم الانسان ان به قوة لا يمكن مقاومتها، وهي الشهوة، فالانسان بطبيعته يكره القيود ويرغب في طمسها ولربما احب وجودها احياناً لكي يكسرها، وما اكل آدم للشجرة الا دليل على وجود الغريزة في كل واحد منا، وانها تلك الرغبة الغير مبررة التي تستحوذنا لفعل اشياء غير منطقية حتى ولو طلب منك حرفياً ان لا تفعلها، ولكن نفعلها اما لاننا نسينا انها محرمة او لاننا لم نستطع ان نتحكم في انفسنا. وبهذا يكون هناك بين الخير والشر رغبة ونازع قوي، وصلاح البشر يقاس بقدرتهم على التحكم بهذه الرغبة.

وعند فهم الانسان لضعفه امام رغباته يدرك تماماً ان الخير والشر ما هما الا قيد لكبح رغباته الحيوانية ليكون قادراً على التفكير بشكل روحاني بعيداً ان الجسد ورغباته الا متناهية من نكاحٍ واكلٍ وشربٍ ومالٍ وبنين. وليكون ناجحاً في لعبة الحياة الدنيا عليه اذاً التخلص من شهواته او التحكم بها لاقصى حد ممكن، وهنا يرتفع الموج بهذا الكائن البشري لصعوبة الطلب بل لاستحالته في معظم الاحيان.

يؤمن اليابانيون بان الظلام مهم اكثر من الضوء نفسه، فما قيمة الضوء اذا لم يكن هناك ظلام قاتم؟ فيجلسون لساعات طويلة في غرفٍ مظلمة امام ابواب واسعةٍ تسمح بمرور ضوء الشمس الى ظلامهم تدريجياً، ليشاهدوا صراع الظلام مع الضوء، فينتصر الضوء لساعات ثم يعود الظلام ليكن سيد الموقف لساعات اخرى، بعد ان يتبختر النهار على الليل في ساعة الغروب ثم يستسلم للظلام، ولا شيء اجمل في عين الياباني الفيلسوف اكثر من اختراق القمر لظلام الليل الدامس، فينظر اليه ويكتب الشعر فيه واصفاً نفسه كانه ذاك الضوء الذي يعلن حرباً خاسرة على ظلام لا ينتهي.

هذا المثال هو اقرب ما يمكن وصفه لفهم صراع الانسان مع نفسه، حيث يتعاقب عليه الخير والشر ولا يستقر على حالٍ الا لبعض الوقت، ولهذا يحتاج الانسان ان يجد طريقةً للتاقلمِ مع هاتين الحالتين، فلا نصر على الشر بدون فهمٍ جيدٍ له، ولا دوام للخير بدون ادراكه حق الادراك. ولهذا ارسل الله الى الانسان الحائر الرسل والكتب السماوية ليعطية مواصفات الانتصار في هذا الصراع. فحدد الله لنا الخير واحله، وحرم علينا الشر ونهى عنه، فاصبح الطريق لفهم الذات منسجماً مع الطريق الى الله، اذ انك لن تفهم نفسك الا اذا احببت ربك وفهمت ما يريد منك انت شخصياً.

إذا اصبحت علاقة العبد مع ربه علاقة تواصل ومحبة يصبح الانسان في حالة استقرار دائم مع نفسه، لانه ادرك تماماً بعد طول عناء انه لم يشد رحاله ولم يركب البحر الا بحثاً عن مولآه عز وجل، فيطيعه حق الاطاعة ويقف عند اوامره ونواهيه، لان المحب لمن احب مطيع ومستسلم وراضخ له، ثم مع هذه الطاعة يرتفع الانسان بنفسه من عالم الجسد المسحور بالشهوات الى عالمٍ من السكينة الروحية.

قال تعالى: "قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى (١٢٤) ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى (١٢٥) قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا (١٢٦) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (١٢٧) وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى (١٢٨)"


اذا اعرض الانسان عن ربه فانه مبحرٌ في بحر اسود، لا راحة ولا طمانينة فيه، فيضيق به الزمان والمكان ويضل ويشقى، فتصبح حياته جحيما لا يطاق وكانه في قبر ضيق يقبض عليه فيكسر عظامه ويعصر قلبه، وبعد كل هذه التعاسة تنتظره اضعافها يوم القيامة، فمن اراد النجاة عليه باتباع هدي ربه فمع الله لا يضل عبدٌ ولا يشقى.

م.محمد موسى

13.1.13

بين العلم والفلسفة

الرياضيات والفلك علمان تطبيقيان ولا علاقة لهما بالفلسفة، فالفلسفة تناقش مسائل حياتية كالموت والحياة والمعاني الوجودية والحقيقة الخ. وهو علم لا يمكن حله اذ انه لا يعتمد على اي نظرية او شيء جزمي يمكن الرجوع اليه، فالفلاسفة لا يتفقون الا على كون الانسان حياً اي نظرية ديكارت "انا افكر اذاً انا موجود" تلك التي ما زالت تناقش منذ آلاف السنين بلا حلول، والتي رفضها كبارهم مثل نيتش وكارت وهيغل وغيره من الوجوديين امثال هوسرو وطلابه امثال هايدغر. امضيت عمراً في خرافاتهم ولم استفد غير الصداع! فما علاقة هذا العلم بالرياضيات والفلك التي تقوم على العلم المجرب الذي يمكن اعادة تجربته وتطبيقه مرة بعد اخرى؟

قد يقول البعض ان الخيام كان فيلسوفاً لذا لابد من الفلسفة في كل العلوم، وهذا شيء لا ازال غير مقتنع به فصاحب كتاب الفلسفة الاسلامية "سعيد حسين ناصر" (ص١٦٩) يذكر مجرد نظريات لا يختلف عليها عاقل استخدمها الخيام في حساباته؛ كقوله ان الله خلق الكون وقدر قوانينه لذى هذا يعني ان لكل شيء قانوناً قد نعلمه او نجهله، وهذا كما قلت مجرد نظرية افتراضية لحل المعادلات (hypothesis)

واذا رجعنا الى تاريخ الرياضيات نجده في حسابات البابليين، وارقامهم الستينية ثم في هندسة المصريين وحساباتهم الفلكية للكسوف، وبعدها في كتابات الاغريق ونظرياتهم الحسابية في دراسة الدائرة والزوآيا. يليهم الهنود ثم المسلمون الذين كما تعلمون ترجموا ونقحوا كل هذه العلوم وطوروها كتراجم كتب الاغريق من اليونانية الى العربية وكتب الهنود والفرس، ثم جاء الخوارزمي باستنتاجاته فكان علم الجبر واختراع الصفر الذي حل مشاكل عديدة كانت موجودة في استخدام الارقام الهندية التسعة (١-٩) بفضل علماء كبار كابن الهيثم والكرخي وغيره.

وهذه الثورة الحسابية هي ما ادى الى تطور علم الفلك الذي كان مختلفاً عند المسلمين من ما كان عليه الحال عند غيرهم من المنجمين واصحاب الخرافات والشعوذة، فاهتم المسلمون بدراسة الفلك، لمعرفة أوقات الصلاة بحسب الارض وفصولها وتحديد القبلة ورؤية الهلال، ولهذا اخترعوا آلات القياس كالاسطرلاب وبنوا المراصد والابراج لمتابعة القمر والنجوم، وقاسوا طول السنة الشمسية بانها ٣٦٥ يوم و خمس ساعات و ٤٦ دقيقة و ٢٤ ثانية اي انهم اخطأوا بدقيقتين فقط! بل وحتى انهم قاسوا محيط الكرة الارضية وموقعها بين الشمس والقمر، بل وحتى اوقات الكسوف والخسوف للسنوات القادمة.

ومن هؤلاء العلماء البتاني وهو اول من من حدد الفصول واثبت مدار الشمس وحدد ايضاً طول السنة الشمسية. وأبن الشاطر الذي ابتكر الاسطرلاب وطور الساعة الشمسية واظهر ان الارض ليست هي مركز الكون بل جزء منه. ومنهم ايضاً البيروني الذي استنتج ان الشمس اكبر من الارض وان الارض اكبر من القمر، وهو ايضا من قاس محيط الارض وهو ايضاً من قاس pi وقدرها بمانها (٣.١٤١٨٣)، وهو ايضاً من قال بان سبب الليل والنهار هو دوران الارض حول نفسها. ينسب البعض اليه انه كتب ٩٥ كتاباً في الفلك والرياضيات تحتوي على ٦٥٪ من ما نعرفه اليوم في علم الفلك ومع هذا فالرجل كان موسوعة علمية في كل العلوم.

رحم الله هؤلاء، والله لو كانوا فينا اليوم لكبروا عليناً اربعاً ازدرائاً لحالنا الاشبه "بالزمبي" ولا حول ولا قوة الا بالله.
20130113-123502.jpg


بعيداً عن العاطفيين وعن كل من يحاول -قصداً او بدون قصد- الصاق التهم وتوزيع صكوك الجهل والرجعية والتخلف، اقول لهم الى متى تستوردون افكاركم من مصادر لا تحمل الخير لأُمتكم؟

انظر حولك، كل ما بين يديك صنع في ارض غير مسلمة الا انت، فلماذا تريد ان تعيد صناعة نفسك لتطابق افكار غيرك؟ فتستورد افكار لا تؤمن انت بها اصلاً!. بدون محايلة اللبرالي هم من ينادي بحرية الفرد ليفعل ما يشاء ضمن قانون الدولة. اي انت حر في نفسك مقيد في مجتمعك ودولتك! اليس هذا اكبر تناقض سمعت به في حياتك؟ اليس المجتع مجموعة افراد؟ فكيف للافراد اللتي تعيث فسادا ان تكون مجتمعاً صالحاً؟

ساقتبس حديث للرسول صلى الله عليه وسلم ارجو ان لا تتضايق منه وتصفه بانه كوبي بيست وانه يحتمل معاني عدة وتاخذه بكل عقل منفتح:


روى البخارى وأحمد والترمذى عن النعمان بن بشير رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:

"مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مَرُّوا على من فوقهم فآذوهم، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا فى نصيبنا خرقاَ ولم نؤذِ مَنْ فوقَنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاًَ، وإن أخذوا على أيديهم نَجَوْا ونَجَوْا جميعاً"


فهل اذا فعلنا كل ما نريد من خير وشر ننجو كمجتمع؟ ام اننا نحتاج الى قوانين؟ وهل تكفي القوانين الوضعية -التي نضعها نحن لانفسنا- لتجعلنا سعداء حقاً؟

اللبرالية والاسلام كما في وكيبيديا:

اللبراليون "يميلون لإعادة تفسير النصوص الدينية وعدم الأخذ بتفسيرات رجال الدين القدامى القرآن والسنة، حيث يرون أن الإسلام بعد تنقيته من هذه الآراء والتفسيرات فإنه يحقق الحرية للأفراد خاصة فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير وحرية الاعتقاد. لكن يرد عليهم العلماء المعادين لليبرالية بأن الليبرالية نشأت في مجتمعه مقهور من قبل الكنيسة. وهي نتاج بشري لا يمكن مقارنته بما جاء من عند الله, حيث ان الاسلام جاء شاملا و يتمثل ذلك فى القران الكريم الذى ما هو الا حياة تمثلت فى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و لا يحتاج الى تعديل فى افكاره بل يحتاج فى تعديل افكار متبنيه".


فهل هذا الكلام مقبول عندك؟ ان كان مقبولا فانك بالنسبة لي تحتاج لإعادة صياغة افكارك، لانك ترى الاشياء من زاوية واحدة وتحتاج الى بعدين آخرين لتعرف ما الحق، ففكرة الحرية نشأت في مجتمع عانى من اصحاب الكنيسة ما عانوه، اذ انهم يدخلون الجنة من ارادوا ويرسلون من ارادوا الى الجحيم، استفردوا بالحكم واصبحت لهم عصمة وقداسة بدون اي وجه حق. وحرموا العلم وقالوا انه كفر، فهل نحتاج نحن لحلولهم ونحن اول من علمهم معنى الحرية وحقوق الانسان وطبقنا العدالة الاجتماعية واختيار الحكام والضمان الاسري وحرية الاقتصاد والتجارة؟ الفكرة الاسلامية حية وان لم يطبقها احد.

الاسلام لا يتعارض مع فكرة التحرر من سلطة من يتاجر بالدين ويزعم لنفسه بالعصمة ولكن هل الحل هو ترك الدين ام الرد عليه من الكتاب والسنة؟ وهل لان بعض "الشيوخ" ادعو انهم وصاه علينا واحلو ما حرم الله وافتروا عليه وقالوا بدون علم، نترك لهم الدين كله؟ ثم اذا كان الاسلام لا يتناقض مع حرية الشخص في الاعتقاد والتفكير الحر لماذا كل هذا الكم من التبجح على كل من اختار ان يقيد نفسه بافكار قد تكون دينية؟ ولماذا كل هذا التعالي على الدين والمنتسبين اليه؟

الإسلام كما تعلمون لا يرفض ان يختار الشعب من يحكمه بشروط وقيود كثيرة لضمان سلاسة وعدالة العملية، وهو ايضاً لا يفرض مفاهيمه على الناس، فلكم دينكم ولي دين. إذاً ما حاجتنا لاللبرالية؟ هل لاننا نجهل اسس تطبيق ديننا وسياساته وافكاره في التعايش السلمي والعدالة نذهب للبحث عن حلول غربية؟ ونركض ورائهم؟ اين الابتكار؟ اهذا حقاً افضل ما يمكن تقديمه لامتنا؟

المشكلة في نظري هي انه هناك الكثيرين من الذين يحبون الخير ولكن لا يعرفون طريقه فيسمون انفسهم بمسميات هم بعيدون عنها، ثم هل لانك اضفت كلمة لبرالي لاسلامك يكون دينك افضل؟ ماذا يعني الاسلام اللبرالي؟ اهو تحرير العبد لنفسه من الاسلام؟ ام تحرير الاسلام من العبد؟ لا اظن ان هناك من الذين يقولون "انا مسلم لبرالي" يحبون ان تطبق اللبرالية في بيوتهم، فيفعل اهله ما شائوا ومع من شائوا، ولم لا؟ لانك مسلم ولا يمكنك إلصاق اي مسمى بهذا الاسم لانه بالعامية "ما راح يركب"، انت غيور بطبعك تحب دينك وتعلم جيداً ان العيب ليس فيه بل في من يمارسه بشكل خطأ.

اللبرالي الجيد في نظر الغرب هو ذاك الشهم الذي يسعى لتحرير الانسان من قيود الايديلوجيات العتيقة والافكار الرجعية، ليكن الانسان حراً طليقاً، اذا اراد ان يشرب فاليشرب وان استهوته الشهوة فاليزني، وان اراد الرجال، فليفعل، وان عشقت النساء..... الخ، فهل انت حقاً تؤمن بهذا المجتمع؟ حاشاني وإياك.

والحل هو في تعلم الفكر الاسلامي ومقاصده في كل مجالات الحياة واستنتاج طرق تطبيقه على ارضنا، وعدم حشر نفسك في مصطلحات مسبقة انت في غنى عنها يكفينا مستوردات وحلول معلبة، فالحلول الجاهزة لن تنفعنا فديننا يحتوي على كل الحلول التي نحتاجها في حياتنا، نحتاج فقط للتنقيب عنها بدون احباط
وفقدان للأمل.

11.1.13

20130111-230133.jpg

أغلق عينيه
استلَّ نفساً عميقاً
وباعد بين ذراعيه
محتضناً نسمةً عابرة
وابتسم…
وكان أحلام الصبا
تُذاعِبه…

كريشة من طائرٍ جبلي
حلق نحو الأرض بهدوئ
طأطأ رأسه للخلف
في طريقه إلى فراشه الترابي

عشرون ألف صورةٍ
تُعرض أمامه في ثانية
شاحبةٌ ذكرياته كعجوزٍ رثّة
تحاول ان تتذكر شارِعها
الـ…مفقود...

وكنيزكٍ ذهبيٍ
مخترِقاً للتو
غلاف الأرض
يهبط بكل عنفٍ
ملتحفاً ترابه المبعثر

انظُره…
كان هموم هذا الكون
نسجت جسده النحيل
كأن دموع الأرامل
تروي عطشه القاتل

كأن جبينه قطعة فحمٍ
مطليةٍ بالرماد
يستلقي هناك ككلمنجارو
وحيداً في عمق القآرة

عيناه…
دوامتان في قلب المحيط
وكانه ساق الياسمينِ
مبعثراً في جو السماء
كأن عظامه نبشت
للتو من قبرٍ كان يرقده

وكقربة بلا وكاء
انسابت همومه كلها
من على جُنباته رويداً
ادفئته تلك المياه القرمزية
واستل النعاس قلبه

10.1.13



20130110-155138.jpg

قالت له، امآه لا تكبر بسرعة
كن طفلاً اكثر
في حيرة قال ولماذا؟
اخشى عليك ان تكبر
فتكون جباراً شقياً
اخشى عليك ان تكفر

امآه لا تكبر بسرعة
كن طفلاً اكثر
اصنع مراكب من ورق
وضع فيها جيشك
واغزو معهم
اصنع لهم طائرات وبنادق
واغز بهم
ولكن لا تكبر

ابقى طفلاً حتى التسعين
والعب اكثر
طارد ظلك
دس على راسه ان استطعت
وقلد الفراشات والجراد
والعب اكثر

ان كبِرتَ يا بُني
اخشى عليك ان تصغر
فتظن ان الكون من ورق
وان الناس عبيد لصوتك
فيكرهك الرب فتصغَر

امآه اني لا احب العنف
ولا صوت السياط والرصاص
امآه ان حملت شياءً على كتفي
فهي حقيبة كتبي
اغراضي
وجميع مساطري وحبري
وكل ما احتاج لصناعة عقلي

ساظل صغيراً للابد
اطارد ظلي
اقلد الفراش والجراد
وساصنع مجداً على ورق
امآه اذاً لا تحزني
فأنا صغيركً دائماً

9.1.13

In the House of My Father 1996-7 by Donald Rodney 1961-1998



اتذكر في تلك الليلة المظلمة اني قمت ابحث عنك فلم اجدك

وكتبت لك في ذاكرتي حباً بقد اتساع الليل لنور كشافي الصغير

اتعثر بالكلمات لاخبرك عن تلك الليلة المظلمة

اتلعثم كعادتي امام المواقف الحرجة، باحثاً من مخرجٍ منها
كقطرةِ عرق تزاحم الجلد بحثا عن الضوء.. اذكرني واقفاً هناك في العتمة وحيداً ابحث عن من يعيدني الى داري بعد تيهانٍ طويل...

اتراني اعرف كيف اعبر عن الليلة المظلمة بلغة تُفهم؟ ام انها مجاراةٌ للقمر على متن سيارة مسرعة؟

اكتب عن كل شيء الا انت، فانا لا اعرف عنك الا قصصنا حول العشاء بعد التاسعة!

وكطفلٍ في الخامسة احاول الوقوف على اطراف القدمين لاظهر اني اليوم اطول من امسي... ولكنني مازلت اقصر منك ومع ذلك لم اكن لان اقولها الا لنفسي...

لماذا كنت غائباً تلك الليلة؟ اتراني ساقص لنفسي صراعاتي مع ظلي؟ اين انت لتسمعها؟ ام ان موسيقى السجن انستك موعدك في التاسعة؟

اتذكر حين اغضبتني وقررت ان اهجرك؟ اتذك اني وضعت كل ملابسي في ذاك الكيس البلاستيكي الازرق؟ لم سخرتما مني وتركتماني فعلاً اذهب؟

نعم عدت اليكما ولكن ماذا عساي ان افعل؟ فصاحب سيارة الاجرة ايضاً سخر مني واعادني اليكما! وقال لي: كفاك سخافات ايها الطفل العنيد وعد واعلم ان الحياة ستكون شقية معك لو استمريت بعنادك!

ومع ذلك فضلت ان تجلس معهم ولم تصل الا بعد عشاء بارد ظل ينتظرك لشهرين وخمسة ايام، حينها اخبرتني انهم اصروا ان يضيفوك على طريقتهم، لان الدولة لا تحب الاطفال الاشقياء!

حينها قلت لي: احبك يا بني بكل شقاوتك وبكل عنفوانك وبمزاجيتك وتذمرك واحب اكياسك البلاستيكية.... اتسرقها من محلنا في قلب المدينة ام تجمعها من الشارع؟

وانا احبك يا ابتي، اذكر انك علمتني ان الاب كالمتحف، يجمع كل شيء، يعرضها ولا يخفي منها الا الثمين منها، ولا انسى حكمك الاغريقية وفلسفة الحياة يوم لك ويوم عليك، وقصص الاشجار المعوجة وحكم القسوة الحنونة رغم غرابتها.

كثيرون هم من يتغنون بحب الامهات، ولكني احبك، لن اقول اكثر الاني وعدتك ان احبها اكثر، ولكن راحتك! ما سر يدِك يا رجل؟ انها ناعمةٌ كسرير حريري، دافئةٌ كمعطف ضخم للشتاء، اقسم لك اني ساضع وجهي عليها غداً ان شاء الله.

اطال الله عمرك يا صاحب الذقن الاحمر، وعذراً خمسين الف مرة اذ انا اغضبتك، ولك اهدي شهاداتي وكل اعمالي، ولا تحزن فبعض الاشجار تاخذ وقتاً طويلاً لتثمر... وبعضها يصلح انعجاجه حين يضيق به الضوء فيلتوي ويعدل نفسه الى السماء.

ابنك الاول
محمد ع. موسى

4.1.13



20130104-161427.jpg

تعيش امتنا في العالم الاسلامي اصعب لحظات تاريخها العريق، ليس لانها تحت الاحتلال او لانها فقيرة او متخلفة، بل لانها فقدت الامل في النهوض بنفسها. من الاشياء الغريبة في عالم الحيوان لحظات مطاردة الاسد او النمر للغزال، رغم ان الغزال اسرع منهما الا ان خوفه وفقدانه لامل النجاة يجعله يستسلم لا ارادياً لانياب المفترس، قائلاً لنفسه: لقد حاولت ولكن كيف لي ان اجاري واسبق هذا الحيوان المفترس القوي السريع.

وهذا هو حالنا نحن غزلان العالم الثالث، كيف لنا ان نجاري حيوانات العالم المتقدم بقوتها وسرعتها وذكائها ونحن لا حول لنا ولا قوة! ان هذا الاحباط واليأس الملحوظ فينا هو من اهم اسباب تخلفنا. تجد شبابنا مبهورين بثقافة الغرب وبحضارتهم وتقدمهم ولكنها مجرد ثياب مطرزة معطرة لجسد عفِن، ولتجد شاباً عشرينياً الا ويعرف اسماء الممثلات والمغنيات ولاعبي الكرة و.. و.. واذا قلت له متى وقت صلاة العصر في مدينتكم ينظر اليك كانك لطمته او سببت امه او ابيه!

تجده يتحدث عن حقوق الانسان والمساواة وحقوق المرأة وكيف ان الغرب يحترمون القانون وكيف ان شوارعهم نظيفة يمكن الاكل عليها! وفي نفس الوقت تجره يلقي بعلبة المشروب الغازي ارضاً ويقول: "الزبال راح يشيلها"، اهكذا كان رسول الله وصحبه؟

شبابنا منبهر بالغرب لدرجة استحقار كل ماهو اسلامي، وللاعلام دور كبير في هذا، فقولهم "الحركات الاسلامية" او" الجماعات الاسلامية" او "اصحب الفكر الاسلامي" وكاننا في مكة قبل الهجرة حين قاطعوا المسلمين، وكان المذيعة تنقل اخباراً من شعاب ابي طالب في جبل ابي قبيس، الاسلام ديننا واليه ننتمي فلماذا هذا الاحتقار العنيف لكل ماهو اسلامي؟ اليس من الاجدر للشاب الذي يدعي الثقافة ان يعرف ما هي الثقافة اصلاً.

الثقافة لا تعني الانحلال عن القيم بل تعني تطوير وتنقية القيم المكتسبة وجعلها متاقلمة مع الحاضر، الثقافة الغربية تعني ارسطو وخرافات اليونان وفلاسفة روما والانحلال عن القيود الدينية الى عالم لا قيم له، عالم لبرالي متحرر من كل القيود، ولكن ما الفرق بين الحيوان والنسان اذا انعدمت القيود؟ ما الذي يجعلني احس بالندم اصلاً اذا لم يكن هناك عذاب وعقاب وجنة ونار؟ ما الذي يجعلني اساعد عجوزا تريد عبور الشارع مع سلتين ثقيلتين من الاغراض؟ انه الوازع الديني وحب الخير والرجاء من الله ان لا يضيع عملي.

اجد المثقف العربي ام المسلم عديم الاتصال بمجتمعة، تجده في قمة التعالي والانبهار بنفسه وبعدد الكتب التي قرأها، والعجيب هو كيف يحاول رمي اكبر قد ممكن من الكلمات الاجنبية في حواراتك مع، رفقاً بنفسك فانك لن تخرق الارض بثقافتك وانحلالك عن دينك ولن تبلغ الجبال طولاً بحبك للغرب وقيمهم.

الثقافة هي ما كانت عليه امتنا من بحوث ودراسات وتراجم لكتب الاغريق واليونان والهند حيث انهم تعلموا منهم ما ينفعهم والقوا بالزبد عرض البحر، فكانت الحضارة العريقة مبنية على العلم والفهم، اما الآن فانك تجد الشاب المثقف يستخدم دماغه كالمكنسة الكهربائية، يشفط كل شيء بلا تمييز ولا تعيين! الشاب "بتاع كله" لا ركيزة له فهو فيلسوف سقراطي يوناني هندي مكسيكي امريكي الماني! فتعجز ان تفهم ما يقول! تجده علمانياً اشتراكياً سلفياً قومياً اخوانياً ومع كل هذا الخليط من الاعتقادات يصف نفسه بانه مسلم!

طيب، ما تعريف الاسلام؟ الإسلام هو الاستسلام لله والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك وأهله، والاستسلام لله يعني تسخير حياتك للنمط الذي اختاره الله لك، لا "على مزاجك" لانك لست الا ملكاً لله يفعل بك ما يشاء، فلا تخدر دماغك بما لا ينفعك وتعلم واجبات دينك ورسخ عقيدتك لتكون على بينة، وبهذا تكون كالنخلة الشامخة لا تبالي بعواصف الصحراء. حينها فقط يمكنك الابحار في عالم الكتب والمطالعة لانه عالم عميق تتجاذف فيه الامواج كل سباح ضعيف فتغرقه فيهلك في الدارين.... والله المستعان

1.1.13



20130101-222841.jpg

تحول اليابان من مجتمع قبلي مزارع الى مجتمع صناعي متحضر في فترة زمنية وجيزة من خلال نقاط منهجية ثلاث، اولها تنظيم نظام حكم الوطن واحترام القادة وعدم التنازع الداخلي، ثانيها ارسال افضل العقول اليابانية للخارج لاكتساب علوم الغرب المختلفة وثالثها تحفيز الصناعة بقيم يابانية مثل الاتقان، الاخلاص والافتخار بالمنتج المحلي. احاول هنا فهم هذه النهضة واستخلص دروساً يمكن تطبيقها في الصومال للحفاظ على قيمنا الدينية وللوصول الى رخاء اقتصادي جيد للبلاد.

تاريخ اليابان الحديث يظهر مدى الصعاب التي واجهها هذا الشعب، من حروب اهلية عتيقة الى حربين عالميتين الى قنبلتيين نوويتين الى عواصف وزلازل شبه سنوية الا انه في كل مرة يقوم بكل عزة ويمسح الغبار عن نفسه ويمضي في طريقة بعد ان تعلم درساً قاسياً آخر. فمنذ الغزوات الغربية واليابان يتعلم بقسوة عنيفة فمن محاولات الروس الى الانجليز ثم الامريكان وقبلهم البرتغال والهولنديون واليابان يواجههم بموارده المحدودة ولكن بعقول تحب وطنها بكل عنفوان.

بعد ان اضطر الامبراطور لفتح الموانئ للسفن التجارية الغربية تكونت لدى اليابانيين رغبة شديدة في فهم الغرب لادراك سر قوتهم فارسلوا السفراء والطلاب ورغم ان معظم السفراء رفضوا الا ان الطلاب عادوا الى وطنهم واصبحوا اساتذة لغيرهم بعد ان تعلموا في ارقى الجامعات والمعاهد الغربية، كان اليابان يهتم كثيراً بالتعليم وبالمعلم اذ كانت تقوم الدولة برفع شانهم وتوفير اعلى درجات الدعم المادي لهم وتحفيزهم على تطوير معلوماتهم وطرقهم في التدريس.

في نفس الوقت استوردت الحكومة اليابانية عدداً كبيراً من الخبراء الاجانب لادارة وبناء الدولة لافتقارهم للعقول المطلوبة، وطبعاً كل خبير موكل بتعليم مساعيده اليابانيين سر المهنة ليقودوا بلادهم بايديهم، وهذا ما نحتاج اليه نحن الصومالييون. خبرات اجنبية يمكن التعلم منها من خلال العمل معها في كل المجالات.

خاضت اليابان حرباً على الامية في مجتمع قبلي تحكمة القلة الارستقراطية، فتاسست المدارس الحكومية واصبح الشعب يؤمن بقيمة العلم فارسلوا اطفالهم اليها وفي غضون عقدين او ثلاثة وصلت الامية الى ٤٠٪ في اعقاب الحرب العالمية الاولى، اما الآن فلا اظن انهم يعرفون ما معنى كلمة امية اصلاً.

النهضة اليابانية استمدت قوتها من الشخص الياباني المحب لوطنه والمحب للعلم بطبيعته فاخذوا ارقى القيم الغربية ومزجوها بقيمهم الحضارية التي ورثوها من اجدادهم، فالنهضة لا تعني الانحلال عن هوية الشخص بل تعني الاضافة اليها وتعديلها للجهة المطلوبة، بهذا اصبحت اليابان قوة لا يستهان بها في شرق آسيا وبهذه العقلية ايضاً واجه الغرب، ولكنه خسر لاسباب كثيرة منها سيطرة العسكر على هذه النهضة وتسخيرهم للبلاد كلها لغاياتهم التوسعية بدلاً من بناء مجتمع مسالم قادر على الدفاع عن نفسه ولكنه ليس بالعدواني وهذه نقطة مهمة لنا كصوماليين، تذكرنا بغزونا لاثيوبيا بعد سنوات من استقلالنا بدلاً من التركيز في بناء الوطن والمواطن.

بعد الحرب العالمية الثانية دخلت اليابان نكبتها الاعمق وانتشرت الفوضى بين الشعب في جو من الاحباط والمجاعة والامراض والاوبئة، ورغم كل هذا حافظ المواطنون على وحدتهم الوطنية تحت الاحتلال الامريكي الذي انها سلطتها على دول الجوار، وبعد عودة الحكم لليابانيين واعتزال الامبراطور للحكم، تولت الحكومة المنتخبة سياسة مختلفة في كل المجالات السياسية والإقتصادية والاجتماعية والتربوية. اذ وضعوا السلاح وتفرغوا لبناء البنية التحتية للوطن وللصناعة والتربية والبحث العلمي.

الحكومة المدنية لم تقم بصناعة بلد من العدم بل اصلحت ما افسده العسكر من امتصاص لخيرات البلاد لغزوا دول العالم، وبنوا دولة تنبذ الحرب كوسيلة لحل النزاعات، مع نظامٍ برلماني للحكم و العديد من النظم الادارية المتشعبة لتصعيب الفساد الاداري ولتنظيم الدولة. وقاموا بالاستفادة من الخبرات المكتسبة قبل الحرب لتدريب وادارة الجيل الجديد من الايدي العاملة.

اعتمد اليابانيون نظاماً راسمالي مختلف عن الغرب لنهضتهم، حيث تتم مساعدة و تمويل القطاع الخاص بشرط ان يخضع لرقابة مشددة من جهاز بيروقراطي عالي الكفاءة يفضل مصلحة اليابان فوق اي مصلحة اخرى وبهذا يتم تفادي الفساد ورفع الانتاج الوطني لتضمن الدولة وصاحب العمل استمرارية واستقرار صناعي عالي الجودة. وهذا ما قاد اليابان الى المرتبة الثانية عالمياً في غضون ثلاثين سنة فقط.

ولكن كل هذا يمكن تطبيقة بسهولة في الصومال ماعدى العامل الاهم وهو العامل البشري، اذ ان اليابانيين بطبيعتهم يتمتعون بذكاء وحب للعلم وللوطن ولروح العمل الجماعي اضافة للاخلاص وحب الاتقان في كل اعمالهم، ورغم ان هذه الامور موجودة في ديننا الا اننا نتجاهلها او نجهلها.

هذه التجربة هي ما اظن انها الامثل لمجتمع كمجتمعنا، اذ انهم انفتحوا على نظم الغرب الادارية والتقنية والصناعية وحافظوا على اصالة معتقداتهم وقيمهم اليابانية، علينا ان نتعلم من هذه التجربة التي تصنف الناس على حسب قدراتهم لا على حسب قبائلهم، العلم ومحو الامية هي الخطوة الاولى والاهم لتحقيق نهضة مماثلة لهذه النهضة، يكفينا ان اليابان تنفق ما يقارب ال١٢٪ سنوياً على التعليم وما يقارب ال٣٪ من الدخل القومي للبحث العلمي وتطوير الاختراعات.

النهضة اليابانية هي افضل نهضة يمكن تطبيقها في الصومال، فنحن قمنا حتى الآن بالخطوة الاهم وهي التعلم، فمنا المهندسون في كل المجالات، الاطباء، الادارييون، والخبراء الاقتصاديون مشتتون في بقاع الارض ينتظرون استقرار الوطن ليوم عودة حميدة. وعلى الدولة فهم طريقة دمج هذه العقول النيرة للوصول للغاية المطلوبة.

لتحقيق هذا النموذج في الصومال على الدولة استجذاب واعادة الكم الهائل من العقول الصومالية المغتربة وتوفير سبل الامن والامان لهم ودعمهم مادياً إن امكن لبناء مشاريع في البلد اهمها الصناعة، ثم الصناعة ثم الصناعة، لان المجال الصناعي يمكن له ان يجذب الكثير من العمال قليلي الخبرة لسهولة تعلمه، منما يرفع دخل عدد كبير من الشعب ويجعلهم قادرين على كسب لقمة عيش محترمة بدل طوابير الامم المتحدة، ثم تكون الخطوة التالية بمراقبة هذه الشركات ودعمها لمحو امية عمالها وتدريبهم بشكل مستمر ليرفعوا من مستوى معيشتهم ولينتقلوا الى اعمال اخرى.

في نفس الوقت تقوم الدولة ببناء بنية تحتية قوية تساعد على الاستثمار، بالاضافة الى شبكات مواصلات وطنية قد تدار بشكل ماقت من خلال خبرات اجنبية ولكن مع مساعديين صوماليين ليتعلموا منهم، فالشركات الصينية مثلا تجلب عمالها معها لضمان الجودة كما يقولون ولكن هذا يجب ان لا يكون الحال في الصومال اذ اننا بحاجة لايادي وطنية للاستغناء عن الاجانب.

فوق هذا كله يجب على الصومالي ان يؤمن بان الله استخلفه على هذه الارض لعمارتها واصلاحها وانه سيحاسب امام ربه، وعليه ان يؤمن بانه لا يوجد مستحيل وان النهضة تكون بالتمسك بالقيم الاسلامية والتعلم من العالم المتقدم اقتصادياً فنحن نريد ان نكون متقدمين لا مستنسخين من الغرب، فالانحلال من القيم يضيع هوية الامم فلا تكون لها اي اسمرارية تذكر بعد عقد او عقدين.

م. محمد موسى
مهندس معماري
ومدون صومالي

اعلانات الموقع

 
© 2012. Design by Main-Blogger - Blogger Template and Blogging Stuff